27‏/09‏/2009

2 حدائق ذات بهجة

OOoo البـلاء موكلــ بـالمنطقــ ooOO

..~

اللسان ترجمان للجان, والكلمات إفشاء للنيات, وأهل الإيمان يحرصون على مواقع اللفظ, ونتائج اللسان { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُو قَوْلاً سَدِيداً }

ولهم كلمات شرعيه يفزعون إليها وقت الحاجة..........

فإن وقعت كارثة, وحلّت مصيبة, وجثمت نكبة قالوا: إنا لله وإنا إليه راجعون.

وإن خوّفوا بموخف, واُزعجوا بنبأ نادوا: حسبنا الله ونعم الوكيل.

وإن عجزوا عن حمل, وضعفوا عن عمل هتفوا: لا حول ولا قوة إلا بالله.

وأهل الشك والنفاق لهم كلمات سخيفه سخف مشاعرهم, متهالكة تهالك مبادئهم منها..........

قولهم: { لَّوْ كَانُوا عِندَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُو }

وقولهم: { لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا }

وقولهم: { مَّا وَعَدَنَا اللهُ وَ رَسَوُلُهُ إِلاَّ غُرُوراً }

إلى آخر تلك القائمة اللاغية من التهريج الضال..........

وسلامة المنطق من سداد الرأي, وحسن اللفظ من كمال العقل, واصطفاء الكلام من نور البصيرة.

لما طلب أبناء يعقوب عليه السلام السماح بيوسف ليصحبهم خاف عليه منهم, وإلا فما أجدر التوكل على الله, وأَجلّ الاعتماد عليه, وهو عند يعقوب, لكنه حب الولد فقال لهم: { أَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ } ففتح لهم عذراً, وسن لهم حيلة, فجاؤوا وقالوا: { أَكُلَهُ الذِّئْبُ }.

ويوسف عليه السلام لما دُعِي للمنكر قال: { قَال رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ }

قال بعض أهل العلم: بل العفو والعافيه أحب من السجن, فسجن يوسف. وفي غياهب السجن, قال لصاحبه الخارج من السجن: { اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ }, أي عند الملك, والله عز وجل أقرب مذكور, فكان الجواب: { فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ }.

وفرعون العاثي نادي: { هَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي }, فكان الجزاء أن أجرها الله من فوق رأسه غريقاً مدحوراً.

وأحد المنافقين المردة أنطقه نفاقه فقال: { رَضُوا بِأَن يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ على قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ } فأتى الإذن: {أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا} فالبلاء موكل بالمنطق, الحيطة في اللفظة واجبة وجوب الحذر في الفعل, والاهتمام بالحديث لازم لزوم الاعتناء بالعمل, لأن القلوب قدور تغلي مغاريفها الألسنة.

وفي كتاب بزرجمهر: أن صياداً بحث عن حمامة في غابة, فلما يئس منها وهمَّ بالانصراف, صاحت وقالت: ليس هناك حمامة, فصادها.

وكثير من الرؤوس ما سقطت من على كواهلها إلا بكلمات.

وكم من دماغ طش به لأن صاحبه قال جملة غير مفيدة, وكم من عنق بتر لأن لسان صاحبه لحن لحناً فاحشاً لا يصلحه الخليل ولا سيبويه.

وهل يكب الناس في النار إلا حصائد ألسنتهم { مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }. واللسان ظالم يستحق الحبس قبل الذنب.

..~

حدائقٌ ذات بهجة

د. عائض القرني

هناك 4 تعليقات:

BookMark يقول...

قطف جميل
ومفيد جدا ..

أشكركِ

mese يقول...

العفو عزيزتي..
تواجدك الاجمل..

دمتي بحفظ الرحمن..

غير معرف يقول...

يزاج الله خير وكني الا بشتري الكتاب عن قريب

اختج نعوم

mese يقول...

تسلمين يآ رب..حبيبتي
بصراحه الكتاب رووعه..ومواضيعه منوعه..

وهلآ بج منوره..